الجمعة، 22 مارس 2013

سيعذب إبليس بالنار.. رغم انه مخلوق منها



كيف يعذب إبليس بالنار وهو مخلوق منها ؟
هل إبليس سوف يدخل النار ؟
وكيف يدخل النار وهو مخلوق من نار ؟
وهل هناك شيء يؤكد كيف سيعذب إبليس ؟ .


ذهب ...
أحد المجادلين إلى الإمام الشافعي

وقال له:
كيف يكون إبليس مخلوقا من النار، ويعذبه الله بالنار؟!
ففكر الإمام الشافعى قليلاً، ثم أحضر قطعة من الطين الجاف، وقذف بها الرجل،
فظهرت على وجهه علامات الألم والغضب.

فقال له:
هل أوجعتك؟
قال: نعم ، أوجعتني
فقال له الامام الشافعي:
كيف تكون مخلوقا من الطين ويوجعك الطين؟!
فلم يرد الرجل وفهم ما قصده الإمام الشافعي،
وأدرك أن الشيطان كذلك: خلقه الله- تعالى- من نار، وسوف يعذبه بالنار .

أولاً :
أمَّا أن إبليس سيدخل جهنم خالداً فيها : فهذا مما لا شك فيه ،
وقد ذكر الله تعالى مصيره في الآخرة في عدة آيات ،

ومنها :

1. قال تعالى :

( قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ...
قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَدْحُوراً لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ )
الأعراف/12– 18 .

قال الطبري :
وهذا قسم من الله جلّ ثناؤه ، أقسم أن من اتبع من بني آدم عدوَّ الله إبليس وأطاعه :
أن يملأ جهنم من جميعهم يعني :
من كفرة بني آدم أتباع إبليس ، ومن إبليس وذرّيته " انتهى باختصار وتصرف يسير .
"تفسير الطبري" (8/139) .

2. وقال تعالى :
( قَالَ يَا إِبلِيسُ مَا لَكَ أَلا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ ... إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ .
وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ )
الحجر/32– 44 .

قال الشنقيطي رحمه الله :
وكل آية فيها ذِكر إضلال إبليس لبني آدم بيَّن فيها أن إبليس وجميع من تبعه كلهم في النار كما قال هنا :
( وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ . لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ ) .
"أضواء البيان" (3/131) .


3. وقال تعالى :

( قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ * لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ )

ص/84، 85 .

4. وقال تعالى حاكياً قول الجن :
( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً )
الجن/14، 15 .

ثانياً :
أما كيف يعذَّب إبليس في النار وقد خُلق من النار : فالجواب عنه :
أنه لا يلزم من كون الجن خلقوا من نار أن يكونوا الآن ناراً ،
كما أن الإنس خلقوا من تراب وليسوا الآن تراباً .

قال أبو الوفاء بن عقيل :
" أضاف الشياطين والجان إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار ،
والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين ، وليس الآدمي طيناً حقيقة ، لكنه كان طيناً ،

كذلك الجان كان ناراً في الأصل " انتهى .
"لقط المرجان في أحكام الجان" (ص 33)
بواسطة "عالم الجن والشياطين" (ص 58) .

وإذا ...
كان الإنس خلقوا من تراب وقليل منه يؤذيهم ، وإن دفنوا تحته ماتوا ،
وإن ضربوا به (الفخار مثلا) جرحوا أو ماتوا ،
فكذلك ليس غريباً أن يكون الجن قد خلقوا من النار ، ويعذبون بنار جهنم .
والجن خلقهم الله تعالى من نار ، ولكنهم ليسوا الآن ناراً ، والأدلة على ذلك كثيرة ،

منها :

1. عن عائشة رضي الله عنها :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه ،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( حتى وجدت برد لسانه على يدي ، ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح موثقا حتى يراه الناس )
رواه النسائي في "السنن الكبرى"( 6 / 442 ) ،
وصححه ابن حبان ( 6 / 115 ) .

2. عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعناه يقول :
أعوذ بالله منك

ثم قال :
ألعنك بلعنة الله ثلاثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا ، فلما فرغ من الصلاة قلنا :
يا رسول الله قد سمعناك تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت يدك ،

قال :
إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت :
أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ، ثلاث مرات ، ثم أردت أخذه ،
والله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة .
رواه مسلم ( 542 ) .

فمن..
هذين الحديثين يتبين لنا أن الجن الآن ليسوا ناراً ؛ ويدل على ذلك :
ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم من برد لسان الشيطان ، كما في الحديث الأول ،
وأن الشيطان لو كان باقيًا على ناريته ما احتاج أن يأتي بشهاب ليجعله في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولما استطاع الولدان أن يلعبوا به .

3. ومن الأدلة – كذلك - : قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم )
رواه البخاري ( 1933 )
ومسلم ( 2175 ) .

ولو كان الشيطان ناراً لاحترق الإنسان ؛ لأن الشيطان داخله ، فتبين الفرق بين
كون الشيطان ناراً وكونه مخلوقاً من نار .
ولو كان الشيطان ناراً الآن –على سبيل الفرض- وأراد الله أن يعذبه بنار جهنم ،
فإن الله تعالى على كل شيء قدير ، ولا يعجزه شيء سبحانه وتعالى .
والله أعلم